يجد السيد بيرناردينو ليون صعوبة ومشقة بالغة في حلحلة الازمة الليبية، والذي له في ذلك ما يزيد عن العام، وقد قارب وقت مهمته على النفاذ، ولربما سيتم منحه أسابيع إضافية أخري علَّه يجد فيها مخرج له من ورطته، ويخرج بنجاح يحسب له في أول مهمة دوبلماسية دولية حقيقية له، حيث تم تعيينه في منصبه هذا كممثل خاص ورئيس للمبوعثية الاممية للدعم في ليبيا، في الاول من سبتمبر سنة 2014م.
فمن هو السيد ليون؟
السيد بيرناردينو ليون، اسباني الجنسية (مواليد ملقا في 20/10/1964)، وهوخريج أحد أعرق الجامعات البريطانية (King’s College London)، والذي إلتحق بسلك الدوبلوماسية الاسبانية سنة 1989م، والتي صعد نجمه فيها إلى أن أصبح وزير للدولة للشؤون الخارجية (2004-2008)، ثم ألأمين العام لمكتب رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريغوز (2008-2011)، كما عمل قبل هذا، مستشاراً شخصياً للمثل الخاص للإتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الاوسط، (1998-2001). بدأت علاقة السيد ليون مباشرة بمنطقتنا حين تم تعيينه يوم 18/07/2011م، في منصب مندوب الاتحاد الاوروبي الخاص لدول جنوب حوض المتوسط، وهو منصب تم إستحداثه بعد موجات التغيير التي إجتاحت المنطقة، ربيع 2011، والذي أخذته في زيارات لعواصم عربية عدة، هي تونس (09/2011) والاردن (02/2102) ومصر(11/2012)، لكن يبدوأنه لم يزر ليبيا ولم يتعامل مع الليبيون إلا بعد تنصبيه في منصبه الحالي في سبتمبر 2014.
من هنا يتضح لنا المسار السياسي الناجح للسيد ليون، والذي ربما يسعى حال نجاحه في مهمته هذه للتقدم لمنصب هوعلي قمة السياسة الاُممية… فهل الازمة الليبية هي ريح سفينة مهنيتة المواتية، أم أنها الصخرة الصلبة التي ستتحطم عليها طموحاته وأحلامه
في سبيل نجاحه، حشد ليون ما أعتقد أنها الادوات المناسبة لنجاح مهمته، فأختار منتجع الصخيرات الفخم، على شواطئ الاطلسي بالمغرب مقراً لحواره، كما أختار تشكيلة من الفرقاء الليبيون الذين رأى بأن لديهم مفاتيح حل الازمة، وأضاف إليهم من أضاف، بدون تقديم مبررات أوصورة واضحة لكيفية وإعتبارات لماذا وكيف تم أختارهم، هذا وقد أوضحت في مقال سابق لي (أتفاق الصخيرات، ماذا حدث فيه وماذا بعده) الخلل الذي يشوب تشكيلة الوفود المتحاورة، خاصة في ما يخص بمن يسمون بالمستقلين.
تكمُن معضلة هذه المفاوضات في جانبين أساسيين:
أولاهما: المبدأ الذي إتبعه السيد ليون في إدارة معظم جلسات الحوار، ألا هومبدأ العصا والعصا فقط، حيث لم ينجح في خلق مناخ من الثقة المتبادلة، بل كان دائم التهديد والوعيد بالعقوبات الاوروبية والاممية، والذي كان آخره في يومنا هذا، كذلك بإقتراب نهاية الوقت المتاح للحوار، والذي ربما يعني المتاح من زمن مهمته هوأكثر من زمن المتحاورين، كما كان حين يشتد عناد الليبيون، يستدعيهم إلي جنيف حيث يتلقون التهديد والوعيد المباشر من القوى العظمى، هذ الذي صرح به السيد أبوسهمين، رئيس الموتمر الوطني العام، في لقاء متلفز من أمام مقر المؤتمر، من أن مجموعة من سفراء الدول العظمى، قد وجه لهم تهديدات مباشرة.
وثانيهما: في العقلية الليبية في التعامل مع هذه الشاكلة من الامور، فالليبيون تاريخياً لا يتعاملون في حل مشاكلهم بطريقة المفاوضات، التي رأوها بمنظار رابح ضد خاسر، لذا فقد دخلوها بمنطق كل شيء أولا شيء، هذا المنطق لن يعطي نتائج مثمرة، خاصة أذا كان المفاوض في الطرف الاخر هو ليبي أيضاً!!
كما لم يقدم السيد ليون أية ضمانات أوميزات حقيقة لممثلي المؤتمر الوطني العام، تشجعهم على تقديم بعض التنازلات التي تساهم في إنجاح المفاوضات، فآثروا حماية أنفسهم بتشبثهم بالبقاء في السلطة وبرِهانهم علي إضاعة الوقت لسقوط المؤتمر في فخ أنتهاء الصلاحية وهذا ما نجحوا فيه. كذلك أخطاء السيد ليون، بعرضه لأسماء مرشحيه لتولي السلطة في ليبيا، وبتعديله للأتفاق الموقع بالاحرف الاولى، وإضاف ما أضاف، ليضيف من أراد أن يضيفه، ذلك كله قبل حصوله على موافقة وتأييد كافة الاطراف أوعلى الاقل معظمها، خاصة الطرف الاهم وهو مجلس النواب، الذي فوجيء بالاسماء المطروحة ورفضها، كما رفض الاتفاق المعدل جملة وتفصيلا.
ولتصل الاستهانة بالاطراف الليبية المتحاورة قمتها، فقد قامت السيدة مورغيني يوم أمس الخميس 22/10/2015، بالإتصال بالسيد فائز السراج، لتبلغه دعم الاتحاد الأوروبي له ولحكومته المرتقبة، كما أن هناك تخطيط أوروبي لدعوة السيد فائز لزيارة إوروبا مباشرة، بعد تشكيله لوزارته المرتقبة، كأن الامر قد حُسم، أوهكذا يريدون هم ، في أشارة ذات دلالة لأي أطراف أخرى معارضة، هذا ما نقلته بوابة الوسط على صفحتها الرقيمة. أما السيد فائز، فلم يظهر مباشرة إلى يومنا هذا إلى الشعب الليبي، ولم يقدم خطاباً إليهم ولم يُعَرِّف بنفسه ولا قدم برنامج عمل ولا طمئن الناس، لاشيء أكثر من إرساله لبيان صحفي مكتوب، أفضل ما أصفه به، أنه بيان خجول.
أنا شخصياً لا أرى بأن السيد ليون ومن هم وراءه، خاصة الاتحاد الاوروبي، جادون في إيجاد حل حقيقي ودائم للأزمة الليبية بقدر سعيهم للفلفتها، وبسرعة وتنصيب من يرونه قادر على لجم الامور في ليبيا من جهة، ولإيقاف موجات الهجرة التي تجتاح أوروبا اليوم، كما لا أرى مبادرات ليون ولا جولات حوار الصخيرات المنزوعة البركة، هي من ستخرج ليبيا من أزمتها.
فمن لديه الحل وكيف نصل إليه؟
يكمن الحل في رأيي لدى الليبيون وحدهم، وفي طريقتهم التقليدية في التفاوض وهوأما يعرفونه ويجيدونه، وهو الميعاد… بأن يجلس العاقلون منهم وجه لوجه، أن يعيدوا بناء جسور الثقة بينهم، أن يذكروا أسم الله بينهم، وأن يتقوه، وأن يكون ذلك داخل ليبيا لا خارجها، ليمروا في غدواتهم وروحاتهم، على الدمار الحاصل في البلاد وليشاهدوا معاناة الناس وليحسوا بألامهم… ليس كما يحدث اليوم وهم مغيبون، يتنقلون في طائرات خاصة، يأتونها من بوابات وصالات توديع وأستقبال خاصة، ويسكنون فنادق الخمسة نجوم ويتناولون الوجبات الفاخرة. كما يمكن أن يحضرجانب من ميعادهم هذا شيوخ دين حقيقيون، أتقياء وورعون، يذكرونهم بأمر الله تعالى، بوجوب الاصلاح بين الناس، وعن الاجر العظيم الذي ينتظرهم إن فعلوا ذلك، فالليبيون بطبيعتهم مُتدينين وعاطفيين، وبهذا تلين عريكتهم، بتوجيه الحديث والحوار معهم من بوابة الدين والوطنية والعزة والشهامة، لا بمنطق القوة والتهديد، الذي لن يزيدهم إلا عناداً… هذا ويا حبذى لوترعى هذه الجلسات وتباركها دولة أسلامية ذات شأن كالمملكة العربية السعودية، والتي لها دبلماسيتها العريقة ومعرفتها بالشأن الليبي، فلا ننسى أنها من قامت بتقريب وجهات النظر وأوجدت حلا في أزمة لوكربي بين ليبيا والغرب، والتي أستعصت على الكثيرين.
وأخر ما أختم به كلماتي هوتساؤل قد ظل يلح في عقلي: هل خرجنا نحن الليبيون في ثورتنا ومات منا الالاف، وخسرنا ما خسرنا، ليختار لنا ليون ومن وراءه في نهاية الامر من يحكمنا؟
أترك لكم الاجابة…
التدوينة السيد ليون لا يفهم الليبيين… أم لا يحترمهم؟ ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق