صفحة من صفحات البؤس يعيشها الليبيون، كتبها حكام فبراير على التوالي وكل حاكم يكتب صفحة بؤس على هذا الشعب المسكين الحزين، صفحات وصفحات. فيها عذابات وعذابات فيها احزان واحزان وحرمان وحرمان صفحات كبست في كتاب ثقيل وزنه وزن الجبال يحمله كل ليبي حمل الأحمال.
لم يعرف للمواطن الليبي حالة نفسية لها طاقة من الألم النفسي المنهك الذي لايحتمل كما عرفها في السنتين الأخيرتين من عهد فبراير ولم يعرف له حيرة تنازع روحه الى حد الوهن والانهيار كما عرفها في هاتين السنتين، اذا اقبل عليه العيد او اقبل عليه الموسم الدراسي او اقبل عليه شهر رمضان وغيره من المحطات الزمنية، فانه لايفرح بالعيد او بشهر رمضان او الموسم الدراسي بل يتلبسه قلق اكتئابي عنيف ينهك شخصه ويجعله في حالة من الذبول وكأن الهول اقبل عليه لانه لايستطيع ان يفي ماليا بإقامة العيد او شهر رمضان او الموسم الدراسي ويزداد قلقه الاكتئابي مع الموسم الدراسي الذي ينظر اليه هما مركبا تركيبا ثنائيا جزءً منه تعلق بعسره المالي وجزءً اخر تعلق بخوفه وذعره على صغاره من الخطف الذي قد يطالهم حتى من داخل المدرسة او عند ذهابهم او عند عودتهم، يرجع ذلك الى ان بعض الليبيين قطعت عنهم أرزاقهم اي مرتباتهم لأسباب عدة ذكرتها في مقالات سابقة كما يرجع ذلك الى ارتفاع يتوالى زمانيا في الأسعار حيث تتعاقب الاثمان صعودا مع كل إشراق ليوم جديد وكأن هذا الارتفاع في الأسعار او الاثمان يبنى بناءً فيزداد كل يوما طابقا، يرتفع عن المواطن الليبي لينخفض في حالة معيشية تعيسة دنيا، لقد بلغ هذا الارتفاع المسعور في الحياة مبلغا خانقا في كل شئ، في الغذاء والدواء والماء والكساء وملازم تلاميذ المدارس واوجه الحياة الاخرى، هذه حالة الغالبية من الليبيين حين المواسم وحالتهم في أيامهم العادية، فان الليبي يطوف يومه وقد تكون غنيمة طوافه الاياب كسيرا خالي الوفاض ملامحه امتعاض فيؤجر سيارته لنقل ركاب او يعمل عاملا بأجرة يومية او يبيع بعض أغراض منزله وغيرها من الاعمال التى لم يألفها الليبي ومغنم رزقه قوتا يبقيه حيا فقط، في حياة ضيقة لافتح ولاوسع فيها ومن لم يجد طوافا فغنيمته الاغراق في الكأبة والحزن وليس لهذا المواطن المسكين الحزين الا الغضب على هذا الوضع او الاستسلام لعذابه النفسي الذي سيأتي على صحته العامة او ينحدر به الى أمراض اجتماعية مجنونة قد تنساق به الى التسول او المخدرات او السرقة او الانضمام في حروب مع احد الطرفين لتحسين وضعه.
مشكلة الفقر الطارئ الفجائي هى من اكبر الظواهر المدمرة للإنسان لعدم اعتياده عليه وهى ظاهرة تجعل المواطن في حالة من الاحراج النفسي امام افراد أسرته التي اعتادت على وضع وانتقلت الى وضعا اخر،مما يجعله يشعر بمرارة يخالطها القهر والنبذ لنفسه وقد تنقله الى اقتراف ماهو غير متوقع من افعال فالفقر الطارئ غير الفقر الذي له اصل معيشي لان الانسان قد اعتاد عليه وكيف نفسه وافراد أسرته معه وعرفوا اجتماعيا انهم فقراء من اصلهم بينما الفقر الطارئ لايستطيع ان يتكيف معه الانسان وسيشعره بالنبذ الاجتماعي لانه يكون إدراكا عكسيا بعدم القبول الاجتماعي له على غير ماكان في مستوى معيشي مقبول ويكون سلوكا اجتماعيا مضطربا بسبب تغير وضعه المعيشي الطارئ لان القاعدة لاي سلوك اجتماعي هو الوضع المعيشي ومتى تغيرت القاعدة اي الوضع المعيشي يتغير السلوك الى حالة من الاضطراب تتفاعل معها مشاعر النبذ والحرمان، مع هذه الصفحة البائسة التى يعيشها المواطن الليبي تقابلها صفحة من الصفحات السخيفة لحكام فبراير الذين باتوا يعيشون حياة باذخة فيها سفح مالي بما خصصوا لانفسهم من ثروة شهرية وبما نهب بعضهم من اموال الليبيين وماقدموا شيئا في ليبيا الا هذه الصفحة البائسة التى يعيشها الليبيون، من يعتقد ان هناك حاكم وطني في المؤتمر الوطني العام او مجلس النواب او حكومات فبراير او لجنة صياغة العقد الوطني العام فان اعتقاده منحرف، لايوجد حاكم وطني يقبل على نفسه بتخصيصه لثروة شهرية من اموال الشعب الليبي مع عديد المزايا التى فاقت مزايا رؤساء الدول وابناء الشعب الليبي اصحاب المال بعضهم يتسول وبعضهم مكتئب وبعضهم يقيم في المدارس وبعضهم في المقابر وبعضهم دفع للسرقة وبيع المخدرات وبعضهم ينتحر او يحاول الانتحار من حياة لا تشجع على الاستمرار ويعضهم دفن في ذُل الديون وبعضهم يبيع أغراض منزله.. وماذا بعد؟.. ان يقتات الشعب الليبي من قمامة اللصوص.. حسبنا الله الذي بأمره رزق العباد.
التدوينة محمد علي المبروك: صفحة من صفحات البؤس في ليبيا ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق