عربي21 – يحيى بوناب
نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، تقريرا عن تداعيات الهجوم المسلح الذي استهدف السياح في مدينة سوسة التونسية، نقلت فيه آراء دافيد تومسون، الصحفي المختص في الشأن التونسي، ومؤلف كتاب “الجهاديون الفرنسيون”، حول الخطر الذي تواجهه تونس، والانعكاسات الخطيرة لهذه العمليات المسلحة على الديمقراطية الناشئة فيها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن تنظيم الدولة قرر استهداف تونس بشكل خاص، وقد تأكد ذلك بعد الهجوم الأخير الذي أدى إلى مقتل 38 شخصا، وهو ما بات يمثل تهديدا حقيقيا للتجربة الديمقراطية التونسية، التي تواجه أصلا صعوبات كبيرة؛ لأنها تعاني من العزلة وسط بيئة غير ديمقراطية في الدول المجاورة.
ونقلت “لوفيغارو” عن دافيد تومسون قوله إن “الأحداث المأساوية التي شهدتها سوسة في يوم الجمعة الماضي كانت متوقعة، بالنظر لما سبقها من أحداث. فبعد هجوم انتحاري فاشل في المدينة نفسها عام 2013 لم يسفر إلا عن مقتل منفذ العملية؛ كان لزاما على الأجهزة الأمنية التونسية أن ترفع من درجة الحذر. وبعد ذلك توالت الاشتباكات بين الأمن والمسلحين بمعدل مرة كل شهر، ثم جاءت عملية متحف باردو التي أوقعت 22 قتيلا، ولكن رغم ذلك فقد فشلت السلطات التونسية في تقدير حجم الخطر، والتوقي من القوة المتزايدة لتنظيم الدولة في تونس”.
واعتبر تومسون أن الأوضاع تعقدت الآن بشكل كبير؛ “فبعد أن كان تنظيم القاعدة يستهدف فقط عناصر الأمن التونسيين، عبر مجموعة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي؛ فقد ظهر تنظيم الدولة خلال هذه السنة أكثر جرأة ودموية، عبر استهداف المصالح الغربية في تونس، لتحقيق هدفين؛ هما ضرب الاقتصاد التونسي، ومعاقبة الدول الغربية المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق”.
وقال إن سيطرة تنظيم الدولة على تونس “أمر مستبعد جدا؛ لأن الوضع فيها مختلف عن ليبيا، ولكن الخطر القائم الآن هو إجهاض المسار الديمقراطي، لأن تعدد العمليات الإرهابية قد يدفع بالتونسيين نحو قبول السياسات الأمنية، التي كان يمارسها الدكتاتور المخلوع بن علي”.
وأضاف تومسون أن هذا أمر ممكن جدا، خاصة وأن الحزب الأغلبي في البرلمان – وهو حزب نداء تونس – ينتمي حوالي نصف نوابه إلى حزب الرئيس السابق، مشيرا إلى أن النقاش الدائر حول “قانون مكافحة الإرهاب” سيشهد صراعا محتدما بين أولئك الذين يريدون المحافظة على مكاسب الثورة التونسية، وأولئك الذين يريدون مصادرة الحقوق والحريات لتحقيق الأمن.
وتابع: “لهذا؛ فإن تونس مهددة بأن تجد نفسها مجبرة على التخلي عن الدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، بسبب الخوف من خطر المجموعات المسلحة. وهذا بالضبط ما يريده تنظيم الدولة الذي يسعى لبث الفوضى الاقتصادية والسياسية في البلاد”.
وتساءلت الصحيفة حول دور حركة النهضة التونسية في تفاقم ظاهرة الإرهاب بالبلاد، ونقلت عن تومسون قوله إن “هذا الحزب كان يتصف بنوع من السذاجة ونقص الخبرة عند وصوله للسلطة، ولكنه لا يُعد بأي حال من الأحوال متواطئا مع الجماعات المسلحة، فقد فكر قادة حركة النهضة في أن تشجيع الأحزاب الإسلامية سيجذب الشباب المتدين نحو السياسة، ويبعدهم عن العنف، ولكن ذلك أدى لصعود تنظيم أنصار الشريعة، وفسح له المجال لينشط ويستقطب الشباب إلى صفوفه”.
وأضاف تومسون أن حركة النهضة تجنبت معاملة الشباب المتشدد دينيا بالسياسات القمعية نفسها التي كانت هي ضحيتها في عهد بن علي، “ولكن المسؤولية عما آلت إليه الأمور تنقسم بينها وبين الباجي قائد السبسي، فقيادات أنصار الشريعة خرجوا من السجن وأسسوا تنظيمهم في سنة 2011، ومرسوم العفو التشريعي الذي شملهم تم إمضاؤه من قبل السبسي، الذي كان آنذاك الوزير الأول في الحكومة الانتقالية”.
وأشارت الصحيفة إلى قرار الحكومة التونسية إغلاق 80 مسجدا، على اعتبار أنها تابعة للتيار السلفي، ونقلت عن تومسون أن هذا التيار تمكن بعد الثورة من وضع يده على حولي 500 من أصل خمسة آلاف مسجد في تونس، “ولكن منذ قيام علي العريض بتصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي في سنة 2013، فقد شرعت الدولة في استعادة هذه المساجد، واليوم لم يبق أكثر من 100 مسجد في يد المتشددين”، على حد قوله.
وأشار تومسون إلى أن السلطات التونسية ظنت أن الخطر قد زال بعد اجتثاث تنظيم أنصار الشريعة، ولكن الحقيقة أن الخطر غيّر مكانه ووجهه، وأصبح أكثر تسليحا ودموية، خاصة أن ليبيا أصبحت تمثل قاعدة خلفية لهذه المجموعات المسلحة، ولهذا فإن تونس مقبلة على مرحلة صعبة في مواجهتها مع “الإرهاب”، وخاصة مع وجود حوالي ثلاثة آلاف تونسي في سوريا، وتواجد المئات في ليبيا، وقد رجع بعض هؤلاء إلى تونس في الفترة الماضية، ويوجد من بينهم بالتأكيد من ينوي تنفيذ هجمات مسلحة داخل البلاد.
التدوينة لوفيغارو: “الإرهاب” قد يعيد تونس إلى سياسات بن علي ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق