ليبيا الان

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

عبد السلام الزغيبي: أه .. يا مدرستي القديمة…

اليوم وصلني خبر سئ وهو سقوط مبنى مدرسة القدس الواقعة في وسط مدينة بنغازي القديمة، وانا عندي مع هذه المدرسة، ذكريات حميمة، مثل غيري من رفاق المدرسة، الذين درسوا فيها سنوات المرحلة الابتداية التي تعتبر من اجمل ذكريات المراحل الدراسية لما بها من براءة وعفوية وصدق.

هذه المدرسة كانت عبارة عن حوش عربي كبير نسبيا، هدم في السبعينات، وعلى انقاض هذه المدرسة وفي نفس قطعة الارض تم بناء مدرسة جديدة تمت تسميتها بمدرسة (القدس)، أي تم اقامة مبنى جديد مكان البناء القديم.. وانا لا ليس لدي اعتراض على الاسم، ولكن كنت افضل ان تحتفظ المدرسة باسمها القديم (اللواحي) وهو اسم الشارع الذي تقع فيه المدرسة، وتسمى مدرسة جديدة اخرى باسم القدس.

في مدرسة اللواحي (القدس لاحقا) الابتدائية، كانت سنوات التكوين الاولى والخوف من المجهول، والتعرف على عالم جديد، نلبس الزي المدرسي (القرنبولي) ونتأبط الشنطة الجلدية. المدرسة كانت عبارة عن حوش عربي مقسم الى حجرات، وبه فناء صغير، كان هناك فطور يومي (خبزة وتن، خبزة وحلوة شامية) نتاوله في فترة الاستراحة، الى جانب حليب الباكوات، والكتب المدرسية المطبوعة والاقلام وباكو الالوان والحبر مجانا.. والتمتع بالسحلب الساخن في الشتاء من سي حسين بن صريتي في سوق سي علي الوحيشي. وكان هناك العقاب لمن يأتي متاخرا (جلادي ساخنات في يوم بارد) من العصا مسعودة، واللي يبلد جلده يأخذ خمسة بدلا منها.

مازلت اتذكر، الناظر المربي الفاضل رجب النيهوم، وأول يوم حضرت للمدرسة خائفا مرعوبا برفقة والدي… من المعلمين، اتذكر الاستاذ يوسف… معلم مادة الحساب، والاستاذ محمد المقوب… والاستاذ بلقاسم الوداني، والشطيطي. ومن التلاميذ، أتذكر، فوزي فطنة، بوبكر بوعود، لامين الفزاني، توفيق بن علي، ناجي الفلاح، حمد الفزاني، رشيد عبد الصمد، رمضان المفصكل، احميده هشيمه، احميده احنيش، ادريس وابراهيم امساعد، احميده البراني، نوري المستيري، احميده بن سعود، عوض وحسين خليف، رجب بورقيد، ونيس الرعيض، حسن التركي، علي الجحاوي، نجيب الطرابلسي، جمال عبيده، جمال البسيوني، وغيرهم.

مدرستي الصغيرة القديمة، التي قضينا فيها اجمل ايام العمر، كانت جدرانها تزدحم بالذكريات وفنائها الصغير تعلوا به الضحكات.. وصعب على الانسان، ان يرى مدرسته تهدم، وقد خرج من بين فصولها، المهندس والطبيب والمعلم والطيار، والصحفي، دائما ما يشدني الحنين اليها، أن ألعب فيها… ان أعاقب فيها.. أن أجلس على مقاعدها الخشبية، ان المس سبورتها وطباشيرها، واشتاق لسماع جرس الاستراحة وساعة انتهاء اليوم الدراسي (التسريحة).

ذاكراتي حتى الان لم تفقد ما خزن بها أثناء الطفولة وسنوات الدراسة الاولى، فكم مرة أغمضت عيني فتذكرت الطريق الذي كنت أسلكه من بيتنا في شارع العقيب إلى مدرستي بشارع اللواحي مرورا بشوارع البزار وقصر حمد والرعيض.

كانت أياما تنبض بالحياة والبراءة والحب والمودة، اتذكرها ويشدني الحنين لتلك الأيام، أفكر بتلك الوجوه التي كنت اقابلها كل صباح، أين هم الآن يا ترى؟.. منهم من غادرنا؟ ومنهم من مازال يصارع ويكافح بشرف في هذه الحياة.

بعد غياب سنوات طويلة التقيت مع البعض منهم، في فناء المدرسة الجديدة، التي اقيمت على انقاض المدرسة القديمة، وها هي المدرسة الجديدة تتحول الى حطام، بعد ان تدمرت اركانها وتهدمت معها ذكريات سنين طويلة، مثلها مثل اشياء كثيرة تهدمت في حياتنا، ولكن الامل يبقى قائما في النهوض من جديد، لبناء وتشييد ما هدمناه بايدينا.

التدوينة عبد السلام الزغيبي: أه .. يا مدرستي القديمة… ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.



تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم

0 التعليقات:

إرسال تعليق