عندما تذكر اسم الدكتور العارف النايض تحاصرك مصطلحات وعبارات في جلها متناقضة ومتعارضة مع بعضها البعض …الصوفية …السياسة ..الفلسفة …علم الكلام …علم الاديان ..امواج متلاطمة تستريح على شاطي النايض انما لاتريح الخصوم والمناوئين والحقيقة ان ذلك جلب عليه اتهامات عديدة وخطيرة من الانحراف في العقيدة الى الخيانة والعمالة وهذا في تصوري يعود لشخصيته الغامضة الملتبسة التي ترخي بظلالها على مواقفه السياسية.
الدكتور العارف في مجال الاديان والخبير الصوفي المعتق يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام والاهتمام به يأتي من خلال موقفه السياسي وليس من باب علومه الفلسفية فالسياسة التي اتخدها مورد رزقه هي الغالبة على توجهاته الاخرى.
الاثارة في شخصية العارف بالرغم من تعدد جوانبها تأتي من باب السياسة وهذا الباب للاسف يفسد عليه ابوابه الاخرى لانها تتناقض معها ولاتستقيم ابدا وهذا الامر ادخل على نفسه الاضطراب والحيرة وعلى ما يبدو ان هذا الاضطراب يأتي كجزئية تتعلق بتركيبة ذاته وكينونتها المفطورة على ما يبدو على اللين والمسايرة.
لايوجد صوفي على مر تاريخ التصوف حمل اعباء الشأن العام بل لدينا العكس من ذلك بدأ من ابراهيم بن ادهم الى الجنيد حتى الفضيل بن عياض …فلسفة الصوفي تذهب الى تخليص الذات من الادران والشوائب لتكون قادرة على الحضور ومن ثم المناجاة فالشعار العام …لاتركنوا الى الذين ظلموا …وهم يرون اهل السلطة ظلمة …وخبزهم اليومي الحديث النبوي الشريف …الا أنبأكم بخير اعمالكم ….ولا اعتقد ان العارف النايض يستطيع الحفاظ على نورانيته وصفاء نفسه وهو يضع نفسه في خضم السياسة وانا هنا اتحدث عن السياسة الدهائية وليست بناء الدولة فالدكتور محشور يدري او لايدري في منصبه السياسي الذي لايخوله الا ان يكون تابعا تحت امرة احدهم فمنصبه سجنه لايتيح له انتاج رؤية حقيقة للدولة ولافكاك من هذا السجن الا بفك قيد الحيرة الذي يتلبسه.
الدكتور العارف يأخد صيته من خلال وضعه السياسي الحالي على الاقل بالنسبة لي فتأثير علومه ومعارفه اصابها الشلل ولم تعد موجودة على المستوى التنظيري على الاقل بعد انخراطه في السياسة وتوليه امانة العبء العام وكونه صوفي النزعة فإن اعماقه تطلب اطلاق السراح الى حيث المناجاة وهو يكبلها بأمور تناقضها ..لا يوجد صوفي سلك طريق القوم او يدعي انه يسلكه ولايفقه الشرط …التجرد …دع نفسك وتعال …والحقيقة ومن خلال مشاهدتي لا ارى الا النفس الامارة والتواقة فهي المهيمنة على المشهد عند الدكتور العارف النايض.
الخيانة والولاء للاجنبي والعقيدة الفاسدة من ابرز الاتهامات التي يوجهها خصومه اليه وهذه الاتهامات جاءته من انخراطه في السياسة أي من خلال المنافسة على شأن دنيوي …متاع من الامتعة الزائلة والتي قام الاقطاب الكبار من المتصوفة المسلمين بالابتعاد عنها كونها من الاغيار ومن الامور المعطلة نحو الحقيقة المطلقة ومن هنا هو يدخل صراعا شهوانيا لايقبل الدخول فيه صغار المريدين ما بالك بمن يحسبه كثيرون انه من الرجال الكمل …لقد ترتب على هذا التوجه التخلق باخلاق بعيدة عن التصوف ومثله العليا أي ان الدكتور العارف النايض اختار ان يكون كيّس فطن بدلا من كيس قطن.
عندما نلقي نظرة على اراءه السياسية لانجد التجرد قائدها بل الغرضية وتحقيق المكاسب ديدنها وهو ما يعارض اصول مدارس التصوف باجمعها حيث السعادة في العطاء وليس في الاخد ما بالك في المنافسة على الاخد … اراءه السياسية لا تتعلق بفلسفته او حتى بشطحات درويش الموالد بل نجدها تتعلق بالدهاء أي الجزء الاخر من السياسة حيث الكيد للخصوم وعمل الكمائن.
يقول عن الاخوان المسلمين في معرض توضيحه لاسباب حربه عليهم بانهم اقوام ذوي افكار عابرة للقارات لاتؤمن بمأوى ولاتلتزم بحياض هو يرى ان فكرة الوحدة لدى الاخوان هاجس مخيف ففيها تتلاشى المواطنة الحقة بتلاشي الوطن وهو لايرى امكانية التلاقي مع مواطنين شركاءه في الوطن ما دام فكرهم السياسي يتمحور حول عالمية النظرة وشمولية الطرح.
الحقيقة ان اسلوب وطريقة تصرف العارف النايض هي ايضا لاتختلف عن ذلك الاسلوب والمنطق الذي ينتقده عند الاخوان فهو ايضا عابر للقارات وتسعى توجهاته للاتحاد مع من كان لانجاح مشروعه ويبرر تلك العلاقات والاتصالات بانها لخدمة الوطن وهنا تلمح نرجسية في شخصية الدكتور العارف فهو يبيح لنفسه ما يحجبه عن الاخرين …في سبيل ماذا ؟ نجاح مشروعه وهذه ميكافلية تبتعد كثيرا عن تلك الاطروحات الفلسفية التي ينادي بها فهذه الاساليب تبتعد كثيرا عن روح التصوف حيث السعي لتحقيق الاحسان وبلوغ مرتبة الرضا.
ان المشروع الخاص لعارف النايض يبارز المشروع الخاص للاخر من خلال اتباع نفس السياسة ونحن عندما نتبع نفس سياسة خصومنا انما نعلن جهارا نهارا اننا لانختلف عنهم او اننا منهم و نشبههم والشبيه لايفيد الوطن في شي الا (استثناء) في حالة وجود مشروع سياسي ناهض يضطر تحت ظروف الحاجة ان يتحد مع الاخر او يتشبه مع الخصم كمرحلة مؤقتة حتى يقف على فدميه ومن ثم يقدم مشروعه الوطني المنقذ بعيدا عن تدخلات الغير ….لو اننا سلمنا بهذه الفرضية فمعنى ذلك ان الدكتور العارف ينسلخ من اهم مقومات شخصيته الصوفية حيث البناء كله يعتمد على الترك والسمو وهذا لايتفق مع تلك السياسات.
الدكتور العارف لديه دكتوراه في علم التأويل ومقارنة الاديان ومؤسس لدار الكلام التي تتبنى قمم الاعلام ورعايتها بغية تقديمها لخدمة المجتمع ….علم الكلام هذا يقول اربابه ان الدولة لا لزوم ضروري لوجودها بل هي تلزم لحاجات خاصة …بمعنى ان الدولة تنتفي قيمتها وتضمحل معالمها اذا انتصف الناس من بعضهم البعض بالحسنى وتركوا الظلم والتعدي على بعضهم البعض …في هذه الحالة لايكون هناك لزوم لوجود الدولة أي الحاكم ….وهذا الكلام قاله ابوبكر الاصم وهشام بن عمر … هذا الكلام مقيد وغير مطلق ولايعني الكفر بالدولة او الدعوة الى الفوضى ولكن يرى ان وجودها مرتبط برفع الظلم وهذا الكلام يعرفه رجل كالدكتور العارف النايض وبالمؤكد انه اطلع على الفلسفة الصينية ليجد فيها كتاب تشوانغ تسه مامعناه اذا لم يفسد الناس جبلتهم ولزموا ال تي أي العدل فهل من حاجة لحكومة ؟.
اقول ان الدكتور العارف من خلال تبؤ منصب سياسي مثير للجدل كونه يعتمد على التخابر وابرام المعاهدات انما يذهب الى عكس افهامه التي يتبناها علميا وهذا تناقض غريب فمن يرى ان الامامة لاتكون الا في حالة فك النزاعات ورد المظالم المفترض يكون سعيه لتصفية الاجواء وترك التلبيس …فالذهاب نحو اقامة دولة العدل لايكون مطلقا عبر دروب تأجيج او تأليب مدن على مدن او مناطق على مناطق فهذه اساليب منهيا عنها شرعا ولايقوم بها الصوفي الذي لايهمه الا رضا مولاه ولاينقطع لسانه عن ذكره خوفا منه ورهبة.
الانخراط في السياسة امر محفوف بالمخاطر بالنسبة للسالك في طريق القوم فهي تقربه من الظلم وتحثه على المعصية من خلال جملة الذرائع التي سيجد نفسه ملزما على الاختباء خلفها هربا من تأنيب الضمير.
الخلاصة …على رجل مثل الدكتور العارف النايض ان يجد نفسه اولا ليجيب على سؤالنا … اين مشروع رجل كالعارف النايض ممن يفترض انه يحمل امكانيات المنقذ حيث الامكانيات المادية والمعنوية …المادية من نفوذ واموال وعلاقات ومعنوية من تجرد وغنى نفس وقيم صوفية راقية تمنعه من الانحطاط وحب الدنيا والانغماس فيها.
التدوينة فلسفة الدكتور العارف النايض تحتاج المراجعة؟ ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق