لا شك ان المبعوث الاممي برناردينو ليون قد بذل ويبذل جهدا كبيرا في سبيل انجاح مهمته في ليبيا، قصد التوصل الى حالة توافق بين الاطراف الحاكمة المتصارعة على الساحة اليوم، انه يبحث عن سبيل للنجاح وفق حساباته الخاصة والتي في بعض الاحيان تجعله يتناقض في مواقفه بغية الوصول الى الهدف وبشتى الطرق! بالطبع هو يجتهد في مهمته لتحقيق الاتفاق بين الفرقاء الليبيين تحقيقا لحالة من الوفاق، سعيا لتشكيل حكومة واحدة يتمكن العالم من التعامل معها بيسر ودون اية اعتبارات! وبقدر ما يهمه توحد الليبيين وخروجهم من حالة الانقسام السياسي، يهتم كذلك بإضافة نجاح شخصي – وهذا من حقه – يضاف الى سيرته الذاتية في التعاطي السياسي مع الازمات.
منطقيا لا ينبغي التشكيك في قدرات ليون او اتهامه من منطلق نظرية المؤامرة، فهو لا يعدو كونه موظفا امميا مكلف بمهمة محددة نوعا وزمنا، وهو كذلك ليس مجبرا اعلى ان تكون النتائج موجبة فقط! فالمهمة تحتمل النجاح والفشل معا! ومنطقيا ايضا ان تكون له حساباته الخاصة وفق تحليله ورؤيته وان توافقت تارة مع هذا الطرف وتارة مع الطرف الآخر، الغير منطقي ان يحمّله البعض مسئولية ما آل اليه الوضع في ليبيا من تصدّع وانقسام والقول انه يعمل بأجندة خاصة! والغريب جدا ان هذا الاتهام يأتي من طرفي الصراع فكيف يعقل ان يعمل بأجندتين مختلفتين ومتناقضتين في آن واحد!؟
ان مكمن الداء الليبي في اولئك الثلة الذين يتولون الحكم في ليبيا اليوم، والذين يتوزعون على مؤتمر وطني منتهية ولايته ويصرّعلى البقاء بقانون القوة والتمكين، و مجلس نواب ولد مشلولا ويصرّ واهما انه يحكم ليبيا وهو لا يملك سوى قرار انتخابه واعتراف العالم به سياسيا ! اذا هذه هي عبثية من يدّعون حكم ليبيا اليوم، فهما جسمان فاقدان للسيطرة الفعلية وحتى التمثيل الحقيقي لليبيين قياسا على اعتبارات انتخابهم اصلا! ان طرفي الحوار لا يمتلكون معطيات ومتطلبات التفاوض ناهيك عن عدم قدرتهما على ضبط والتحكم فيما بعد اتمام الاتفاق لو يحصل، ولهذا فان العالم سيندهش من تخاذلهما وعجزهما في اول محك عملي لترتيبات المرحلة اللاحقة لحكومة الوفاق، ويدرك ليون ومعه ساسة العالم ذلك جيدا، لهذا كان التركيز على تشكيل حكومة توافق واحدة والتي سيتعامل معها العالم فيما بعد بمنأى عن هذين الجسمين! لقد كان ذلك من ترتيبات ليون الخفية التي يجهلها الكثيرون! وهو ما دفعه لكثير من التصريحات والمجاملات للطرفين املا في بلوغ نقطة التوافق على الحكومة بعد ان قسمت المناصب بينهما مناصفة ورضاهما عن ذلك!
علينا ان نعترف بان الحد الاقصى من التفاهم الممكن بين هذه الاطراف المتصارعة لن يتجاوز تشكيل الحكومة وهذا ولا شك مكسب كبير للقضية الليبية في ظل الانقسام الخطير الحالي ووجود حكومتين واحدة في الشرق واخرى في الغرب!، على الاقل سيكون سهلا تعامل العالم معها سياسيا وحتى عسكريا، وسيكون ممكنا ضبط الامور المالية والاقتصادية في قنوات موحدة وهو ما سيحد من معدلات الفساد المستشري وبالتالي كبح سرعة الانهيار الاقتصادي او تعطيلها.
الحوار الحقيقي الذي تحتاجه ليبيا ليس حوار حكام العبث الذين جاءت بهم الصدفة، الحوار الحقيقي هو الذي يشمل جميع اطياف الليبيين ولا يستثني احدا وأطرافه على وجه الدقة هم : (ممثلون عن كل المدن والقبائل + ممثلون عن مؤيدي فبراير + ممثلون عن مؤيدي سبتمبر + ممثلون عن المهجرين والنازحين في الداخل والخارج)، هذه هي مكونات الشعب الليبي الحقيقية كافة، وهؤلاء هم الذين يمتلكون مفاتيح اللعبة ويستطيعون اذا توافقوا تهيئة الوضع ومتابعة تنفيذ ما اتفقوا عليه ويضمنون له النجاح والتطبيق، فهل من يهمس او يصيح في اذن ليون والأمم المتحدة، ويسمع العالم صوت الحقيقة التي يحاول البعض اخفائها اطالة في زمن الفوضى وحكومات العبث؟! وهل ستكون الخطوة الثانية بعد تشكيل الحكومة هي الشروع في حوار مجتمعي حقيقي يشمل كل الوان الطيف الليبي ويؤسس فعليا لدولة ليبيا الجديدة التي ينشدها الشعب الليبي!؟
التدوينة د. عبيد احمد الرقيق: الحوار الليبي، حسابات ليون وعبثية حكام اليوم!! ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق