عانت ليبيا وتعاني من سياسات غير مستقرة بداية من انقلاب سبتمبر المشئوم إلى الثورة الشعبية في فبراير التي كانت سانحة لعدم وجود مؤسسات ليمتطيها كل مصلحي وإنتهازي لجمع مال أو لمنصب سياسي وخرج الليبيون الذين دفعوا كل ممكن لرفع الظلم كما يقال من المولد بلا حُمّص. يتتبع الجميع ما يجري في البلد من تطاحن على السلطة مرورا بالمؤتمر الوطني وبالأداء الهزلي لحكومة زيدان التي ساهمت بشكل كبير في عدم استقرار البلاد وإذكاء الأزمات بل تفعيلها وليس المكان للحديث عنها في هذا المقام وتعريجنا على لجنة دستور الترهوني التي يبدوا أنها تخط دستورنا بماء الذهب عند من لا يملك الذهب !!!؟؟؟ وعلى غلق موانيء تصدير النفط المدعوم جهويا وما ترتب عليه ووصولا إلى برلمان طبرق وتبنيه لسياسات مشبوهة بعيدة عن مصلحة الوطن وغيرها كثير.
كل تلك الأزمات الموجودة والمفتعلة والإصرار على عدم إنهائها من العاملين المسئولين في ليبيا والتعنت الواضح بين طرفي المفاوضات الجارية في المغرب وقبلها في مدن أخرى لقرابة السنة ونحن نفكر في ما آلت إليه أوضاعنا من تهريج وتهجير وحرب وقتل وإذكاء للعداوة بين المناطق والقبائل والمدن الأمر الذي بدأت آثاره السلبية واضحة بين أبناء الوطن من خلال ضعف العلاقات الإجتماعية وتفككها… ومن خلال عدم تقبل الكثيرين على ما يبدوا للملكية الدستورية “يحتاج لإستفتاء للدقة” لاستقرار الوطن والخروج به مما هو فيه.
أقترح أن تسند رئاسة الوزراء بل رئاسة ليبيا إلى عبد السلام جلود مع إعطاء الصلاحية الكاملة أقول هذا وأنا متابع لجلود ومواقفه خلال النظام السابق. أقول نعم لقد كان شريكا للطاغية في مرحلة مهمة من حكمه كما هو الحال لبعض المرشحين لرئاسة الوزراء الآن أو بعضا من السياسيين أو رؤساء الأحزاب ولكنه يختلف عنهم إختلافا كليًّا بل لا وجه للمقارنة بين من يسعون أو يُسعى لهم لحكم ليبيا، فعبدالسلام جلود بالرغم من نفوذه وقوته ومنصبه آثر عدم الإستمرار حين أدرك أن لا فائدة في الإصلاح ترجوا من الطاغية. إن الذين سعو ويسعون بكل ما أوتوا لتقلد المناصب وحكم ليبيا لا أظن أن لديهم القدرة والخبرة والنفوذ في مختلف المناطق كالتي يملكها عبدالسلام جلود.
لقد عارض عبدالسلام جلود القذافي وهو في سدة الحكم وفي قوته في كثير من السياسات الخاطئة مثل دعم أفريقيا بدون قيود ولا حدود وإضاعة المال العام دون رقيب ولا حسيب وهذا ينطبق على بعض دول الجوار وأذكر مثالا: زار قديما وفدا من أحد الدول الإفريقية القذافي في بيت العزيزية وما كان من المغوار ؟؟؟ مضيع المال إلا أن أغدق عليهم الملايين التي عادة ما تضيع هباء منثورا كما ضاع الكثير دون أدنى اعتبار لليبيين ولا لمالهم ولا لدولتهم ولا للحكومة، وما إن سمع عبدالسلام جلود بذلك حتى قام باستدعاء الوفد لمكتبه وأرجع المال لخزينة الدولة. كان حاله مع أعضاء اللجان الثورية كبيرهم كصغيرهم لا يقيم لهم وزنا وكان كثير التعنيف لهم على تطبيلهم في اللقاءات والإجتماعات وكان بادئ الكره لنفاقهم وتزلفهم، أخرج كبيرهم أحمد إبراهيم من لقاء بالجامعة لقلة أدبه الذي كان يستهزئ باللجنة الشعبية وأمنائها ولا أحد منهم يجرؤ على الرد أو التفوه بكلمة.
عارض عبد السلام جلود الطاغية على الملأ في سياساته الداخلية وكان ندّاً له في الوقت الذي كان لا يجرؤ أحدا على معارضته عسكريا كان أو مدنيا فكان رجل الأمل في وقت تلاشت فيه الآمال. عرف الطاغية قوته وحجمه فسلط عليه سفهاء القوم ليضايقوه ولينالوا منه فتعرض لمحاولات اغتيال جرح فيها. إعتزل جلود السياسة والحكم وأبى الإستمرار في مشاركة الطاغية تدمير البلاد ولزم بيته. جائته ذات مرة إمرأةً محتاجة في بيته بعد اعتزاله بسنوات عديدة وطلبت منه سكنا يأويها فما كان منه إلا أن كتب لها كتابا لأمين شعبية طرابلس عزالدين الهنشيري في ذلك الوقت فقرأ الهنشيري الورقة وقال مستهزئا: “هو قاعد حي هذا”، ورجعت المحتاجة لجلود فأخبرته بما قال الهنشيري فركب جلود سيارته وأخذ معه عصاه ودخل على الهنشيري وقال له: نعم أنا حي وأخذ يضربه بالعصا حتى سال الدم منه، مواقف كثيرة لا تنسى.
كان يتكلم في المناسبات الإجتماعية عن الوضع المزري الذي وصلت إليه البلاد ولا يبالي ولم يستطع أحدا إيقافه. عرض عليه الطاغية حين تدهورت الأوضاع قبل الثورة بسنوات الرجوع ليمسك مناصب عالية ويصلح ما أفسده وتوسط أبناء الطاغية لذلك ولكنه رفض. إن الوضع الذي وصلنا إليه مأساويا وأرى أن عبدالسلام جلود من خلال المتابعة وأعماله وسيرته التي ذكرت بعضها ربما يكون الرجل المناسب لإنقاذ الوطن من التفكك ومما هو فيه وهو لا يقارن بالأسماء المطروحة ويفوقها قدرة وخبرة لتولي رئاسة الوزراء.
التدوينة عبدالسلام جلود رئيسًا لـ”ليبيا” ظهرت أولاً على صحيفة عين ليبيا.
تابعوا جميع اخبار ليبيا و اخبار ليبيا اليوم
0 التعليقات:
إرسال تعليق